لا تسخر أو تقلل من إمكانيات الناس!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مضى الكثير من الوقت على التدوين، وبات الزون محل لريال مدريد وبرشلونة أكثر من غيرها من المواضيع … لكن إن شاء الله سيعود الزون كما كان في بدايته للمواضيع التقنية وكذلك للمواضيع التي تخصني أنا على المستوى الشخصي … هذه التدوينة هي لتدوين إحدى الحوادث التي حصلت معي في فترة سابقة من حياتي العملية … حيث أتصل بي صديق عزيز وطلب مساعدتي في مكان عمله وأن أقابل مدير العمل هناك وأوضح لهم بعض الأمور التقنية … فلم أرفض الطلب وبالعكس أنا الكسبان بمعرفة أشخاص جدد … ذهبت الى هناك وجاء صديقي وجلسنا نتحدث مع المدير … هناك المدير قال أرجوا أن تنادوا لنا مدير تكنلوجيا المعلومات لدينا والعاملين لكي نتحدث بوجودهم ولكي يستفيد الجميع من الحوار … فجاؤوا كلهم وجلسنا معاً نتحدث … ما لم يفهمه هؤلاء الشباب إني كنت قد أتيت أولاً لمساعدتهم وأفيدهم بخبرتي البسيطة وكذلك بالمقابل أنا أستفيد من خبرتهم … هم فهموها على إنني هنا لكي أضارب على أعمالهم أو أشوه سمعتهم أمام الإدارة … فتحول جميع الحوار من نقاش وفائدة عامة الى هجوم علي وعلى صديقي بشكل محزن … حين رأيت بإن الحوار تحول الى هذه الطريقة وإن كل كلامهم بات كلام للسخرية والإستهزاء والتقليل من ما نقول أو ما نتباحث فيه … فضلت أن لا اكمل الحديث والصمت حتى خرجت من هناك …

دارت الأيام وذهبت أيام وأسابيع وشهور … وإذا يأتيني هاتف غريب … قمت بالرد على الهاتف وإذا هو يعرفني بنفسه … أنا فلان الفلاني من الشركة الفلانية … طبعاً تذكرته على السريع فكيف لي أن أنساه ! قال عندنا مشروع وعمل وما الى ذلك ومحتاجين مساعدتك فيه … طبعاً العمل من خلال شركة Arabnix … المهم ذهبت لهم وتم الإتفاق وأنهيت العمل لهم ولله الحمد … لكني الى اليوم لم أنسى طريقتهم في السخرية مني ومن عملي … ولكن أعتقد إنهم تعلموا درس لن ينسوه في حياتهم …

ما وددت أن أتوصل له من خلال هذه السطور البسيطة … هي يجب على المرء أن لا يقلل من شأن أو عمل الناس مهما كان ومهما بلغ … سواء أعجبك الشخص أو عمله أو لم يعجبك … لا تقم بالتقليل والإستهزاء منه … فمن يدري ربما تلتف الدنيا وتدور بك وتعيدك معه على طاولة مفاوضات واحدة ! تخييل في يوم تسخر من شخص وتقلل من عمله وإن عمله هذا لا شيء … ثم بعد فترة من الزمن تتصل عليه ليقوم بعمل ما كان يقوله لك ؟ صدقوني هي ليست سهلة ولمست ذلك في وجوه وعيون هؤلاء … فإن كانت شاطر وذكي … فأعلم إن هناك من هو أشطر وأذكى … وإن كنت خبيراً ومتمكناً، فإعلم إن هناك من هو أخبر وأكثر تمكنناً منك … وإن كنت عبقري أو عالماً، فإعلم إن هناك من هو أكثر عبقرية وأكثر علماً منك … عالمنا هذا ليس كاملاً فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى … إن تيقنت في عدم كمال البشر، عندها ستتيقن بإنك لست بالمقدمة وإنما هناك من هو أمامك … وعندها ستعرف بإنه من الأفضل لك أن تتواضع … فـ لا تسخر أو تقلل من إمكانيات الناس … وتذكر بإنك لست الأفضل وإن هناك من هو أفضل منك …

طبعاً كلامي عن الأفضل لا أقصد فيه إني الأفضل من هؤلاء الشباب في تلك الشركة … ولكني أحاول أن أصغي وأتعلم من الصغير قبل الكبير … وأحب أن أسمع من الجميع وإن لم يكن ما أسمعه يعجبني … فمن يدري ربما يصادفني فتى صغير يعلمني أمراً لا أتقبله كونه من فم فتى وبعد فترة يظهر بإنه كان على حق وإني لم أحسن الإصغاء أليه … وكذلك لأني أؤمن بإن الإنسان يموت وهو يتعلم … فعند الموت ألن يتعلم “كيفية الموت؟” … إذن هو يموت وهو يتعلم … ولهذا نصيحة لله إسمع وإن لم يعجبك … إسمع وإن لم يكن ما يقال مُقنع بالنسبة لك … وأحب أن أختم هذه التدوينة بقول الشافعي رحمه الله:

أرفعُ الناس قدرًا من لا يرى قدرَه، وأكبر النّاس فضلاً من لا يرى فضلَه

About [email protected]

[Between Teams of Red and Blue, I'm with the Purple Team]
This entry was posted in Companies, Life. Bookmark the permalink.