من مُذكرات مُهاجر

منذ أكثر من عشرة سنوات وأنا أحاول السفر الى الخارج من خلال الهجرة. والدي ووالدتي يرفضون سفري وغير موافقين على ذلك… كُنت مُلحاً في كل مرة بأن يسمحوا لي بالهجرة، ولكن طلبي كان دائماً يلاقي الرفض… والدي كان أقل تشدداً من والدتي، لانه يعلم رغبتي ولكن والدتي وبحكم خبرتها مع أخوانها، كانت ترفض رفضاً قاطعاً …

المهم أستطعت أقنع والدي وأن أقوم بالتقديم على الهجرة وحين أحصل على الموافقة، أخبر والدتي وأضعها أمام الأمر الواقع… قمت بتعيين محامي وذلك لكي يقوم بإجراءات الهجرة الى استراليا، من خلال برنامج هجرة أصحاب الكفاءات… سارت الأمور بشكل جيد، وتمت المُصادقة على جميع أوراقي، شهاداتي التي تثبت الكفاءة وحصلت كذلك على موافقة جمعية علم الحاسوب لديهم، وهي خطوة جوهرية جداً في الحصول على الموافقة … بعد أن أكملنا جميع الأمور والأوراق، كان مُتبقي إمتحان اللغة الانجليزية (آيليتس) … وكان مطلوب علامة 6 في جميع الأقسام … قمت بالإستهتار في الامتحان ولم أدرس، وذلك لأنني وحسب قناعتي الشخصية، بإن لغتي الانجليزية ممتازة وإجتياز الامتحان سهل للغاية! ولكن أكتشفت إن ذلك غير صحيح ولم أحصل على 6 في المحادثة … وبالتالي المعاملة والهجرة تعطلت قليلاً … المهم رجعت حجزت للإمتحان مرة ثانية … وكذلك ذهبت له بدون أية إستعداد وذلك لأنه الغرور كبر في رأسي وإن الموضوع سهل والمرة السابقة كان مجرد هفوة صغيرة … المهم أمتحنت هذه المرة وحصلت على العلامة 6 في جميع الأقسام !!! يا سلام الهجرة تنتظرني …

للأسف لا !!! وما حصل هو إن العلامة المطلوبة الآن أصبح 6.5 في جميع الأقسام …

هذه ثاني محاولة ووالدتي لا تعلم!!!

مرت فترة من الزمن، لربما قريب السنة ومن ثم حجزت للمحاولة للمرة الثالثة … هذه المرة حصلت على 6.5 في جميع الأقسام ومعدل عام 7 … خلاص الفرج جاء! … لكن هل هذا ما حصل؟ الجواب لا! وبعدين، لا اله إلا الله!!! ما هو السبب هذه المرة؟ السبب كان الولاية التي كنت أريد الذهاب لها “ميلبورن”، رفعت شرط القبول الى 7 في جميع الأقسام، فالآن باتت تريد نوعية جيدة من المهاجرين والذين يملكون لغة محترفة وجاهزين لسوق العمل مباشرة، وليس مثلي لغته نُص ردن (بالعراقي) أو نُص كُم (بالأردني) هههههههههههه

صراحة نفسياً كرهت الموضوع، وبات الأمل بداخلي يقل شيئاً فشيئاً … وإنه لا مجال للخروج …

وبعد أقل من سنتين تقريباً، قرأت عن الهجرة الى نيوزلندا !!! نعم إذا أستراليا ما راح تضبط معي، نروح على نيوزلندا … بلد المراعي الخضراء والمناظر الجميلة …!

رجعت لنفس المحامي وقمنا بإعداد الأوراق ودفع رسوم مرة آخرى (ورانا شيء؟ ههههه) … جئنا الى المرحلة النهائية وكان على ما أذكر مطلوب مني امتحان اللغة كمان مرة … لكن الجميل في الموضوع إنه مطلوب 6.5 كمعدل وأنا معي 7 كمعدل … إذن أموري ماذا؟ لوز (بالعراقي العامي هههههههه)

لكن هل هي كذلك؟ الجواب لا ههههههههههه

لا أذكر مالحدث الذي حصل (تجديد جوازات لي ولعائلتي أو شيء آخر) ولكن تأخرت المعاملة وبالتالي أنتهت صلاحية إمتحان الايليتس الذي معي … فهو صالح لمدة سنتين فقط!!! هسة الوضع صار فعلا مزعج، محزن، محبط، سميه ما تشاء … لكنني لازلت مُصر على الخروج … قلت هذه المرة بإذن الله أخرج …

هذه المرة أخبرت والدتي بكل ما يحصل معي، وأخبرتها بإني أتمنى أن تسمح لي بالسفر … هناك شيء ما يحصل معي غير عادي … وبعد إصرار شديد لعدة أيام، وافقت والدتي … يا سلام، أخيراً …!

في نفس الفترة كان هناك صديق عزيز علي إسمه حسن أيضاً يريد الامتحان للسفر كذلك … فأتفقنا تقريبا على برنامج معيين … لم ندرس مع بعض، لكن أستطيع القول بإننا كنا نتابع تطورات بعضنا الآخر تقريباً بشكل أسبوعي … ولكن بعد فترة بسيطة جداً من الزمن (شهر أو أقل)، رأيت إعلان مطلوب أستاذ للعمل في أمريكا في قسم البحث الجنائي الرقمي ولديه خبرة وما الى ذلك من متطلبات التوظيف … قمت من خلال تويتر بمراسلة الشخص الذي وضع الإعلان (طبعاً هو زميل وصديق لي حالياً) وسألته إن كان هذا الإعلان فقط لحاملي الجنسية الأمريكية أم يمكن لأي شخص التقديم … فقال هو مفتوح للجميع وبإمكانك التقديم … مباشرة قمت بتجهيز أوراقي وقمت بالتقديم … بعد أقل من أسبوع أتصلت علي احدى الموظفات لديهم وسألتني عن موعد مناسب لعمل مقابلة أولية عبر الهاتف … وبالفعل عملت المقابلة الأولى عبر الهاتف مع موظفين من دائرة شؤون العاملين … بعدها طلبوا عمل مقابلة مع الاساتذة في الكلية … فقمت بعمل مقابلة وتعرفت على لجنة المقابلات لديهم وكل شيء تمام … بنفس الفترة تقريباً جاء موعد الإمتحان وذهبت أنا أمتحنت أولاً ومن ثم صديقي حسن مباشرة بعد أسبوعين على ما أذكر (صحح لي حسن إن أخطأت هههههه) … المهم أنا حصلت على العلامة المطلوبة وهو حصل على العلامة المطلوبة… روعة، أخيراً سوف نهاجر …

اللجنة في الجامعة رجعت وطلبت مني عمل محاظرة في موضوع قاموا هم بتحديده لي في مجال الجرائم الرقمية … وبالفعل، قمت بالتحضير له وعملت المحاظرة والجميع كان سعيد بما فيهم نفسي هههههههه … بعد كم يوم مباشرة، أتصلو علي وقالوا لي بإنك آحد المرشحين الثلاث الذي تم إختيارهم للقدوم الى الولايات المتحدة وعمل مقابلة ومحاظرة بشكل شخصي! :)

الأمور أصبحت جدية الآن وهذه السالفة ما كانت في البال … الخطة نيوزلندا الآن، مالذي يحصل!؟!؟!؟!

المهم قمت بتقديم طلب الفيزا وكل شيء تمام … وحصلت عليها وتم ترتيب موعد وقمنا بحجز التذكرة والفندق وكل شيء وذلك لكي أسافر لمدة 5 أيام وأعمل المقابلة والمحاظرة بشكل شخصي … طبعاً طلع برنامج من المقابلات وليس “مقابلة” هههههههههههه لكن ياله مو مشكلة …

يوم السفر وأنا جاهز وعلى نار أنتظر موعد الذهاب للمطار ومن ثم السفر … وجاء الموعد وذهبت الى المطار رفقة صديق قديم جداً لي يعمل سائق تكسي جاء هو ليوصلني … طوال الطريق وأنا أحدثه عن الخطة وماذا أنا ذاهب لأعمل … المهم، وصلت المطار ووقفت في الطابور لشحن حقيبتي وحين وصل لي الدور، أخذو جوازي ومن ثم جاء رجال 2 وطلبوا مني الخروج على جنب … فقالو لي: ألم تسمع أو تقرأ آخر الأخبار؟ فقلت لهم، صراحة لا! قالو لي لقد أصدر ترمب اليوم قرار بمنع دخول مسافرين من عدة دول والعراق من ظمن هذه الدول!!! … نعم عزيزي القاريء، ركزلي على “اليوم” هههههههههههههههه

الآن صدقاً، هل هذه ممكن تخطر في بالك؟ فكر بها، هل ممكن تخطر في بالك هكذا يحصل معك؟!!!

المهم لم أرغب بأن أزعج صديقي الذي أوصلني واستأجرت سيارة تكسي آخرى ورجعت الى البيت والإبتسامة فعلاً غير عادية … لا أعلم لكنني فعلاً لم أكن حزين وكنت أضحك!!! حين وصلت المنزل أهلي تفاجئو، ومن باب المزح قلت لهم سافرت ورجعت ولكن بحكم كل شيء في أمريكا سريع، رجعت بلمح البصر ههههههههههههههههههه (بالعراقي جاي أقشمر نفسي) !!!

أتصلت على الجامعة وأخبرتهم وأعتذروا مني ومن الذي حصل معي … طلبوا أن أنتظر وإنهم سوف يعيدون المحاولة حالما تفتح الحدود بالنسبة للمسافرين العراقيين … ياله ننتظر، هو أحنة ورانا حاجة؟ ههههههههه

بعد كم شهر كما يعلم الجميع فتحت الحدود وأستطيع السفر مرة آخرى … وبالفعل سافرت وعملت المقابلات والجولات والمحاظرة وكل شيء سار بشكل خرافي وأكثر من خرافي … عرضوا علي الوظيفة ووافقت وما كان إلا أن أرجع وهم يبدؤوا بالعمل على تأشيرة السفر والعمل … وبالفعل قاموا بتعيين محامية للعمل على تأشيرتي أنا وعائلتي والحمد لله … طبعاً فضل رب العالمين لم يكن فقط في كل ما ذكرته وحسب، فأفضاله لا تعد ولا تُحصى … ولكن حتى التأشيرة التي حصلت عليها هي O1 وبإمكانك البحث في الانترنت وقراءة ماذا تعني الحصول على هذه التأشيرة، أو من هم الذين يحق لهم الحصول على هذه التأشيرة!!! كما قلت، هو بفضل من ربنا وتوفيقه ومن ثم لجميع الأصدقاء، الزملاء والجهات التي عملت معها وشهادات التوصية التي كتبوها لي … كل الشكر والتقدير لهم فرداً فرداً، وهم يعرفون أنفسهم جيداً … نعم عزيزي القاريء، وهكذا وصل بي الحال هنا، وليس نيوزلندا ومراعيها ولا عند الكنغر الاسترالي :)

قبل أن أختم، أود أن أنصح وأذكر نفسي أولاً ومن ثم من يقرأ كلماتي:
1. أهلك ثم أهلك … صدقني مفتاح توفيقك من بعد الله هو في رضاهم! (أدعوا الله أن يكون والدي ووالدتي كلاهما راضين عني)
2. عليك الإيمان الُمطلق بقوله تعالى: “وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ” … ربنا مخبي لك حاجة أفضل من التي تخطط لها أنت …
3. الصبر وعدم اليأس … تأخير حصولك على ما تتمناه وتطمح له فيه شيء لصالحك … أصبر بس !
4. عدم الغرور والتكبر كما حصل معي في موضوع إمتحان اللغة … خذ الأمور بجدية وأعطيها حقها …

في الختام: أنا أريد، وأنت تُريد، والله يفعل ما يُريد.

About [email protected]

[Between Teams of Red and Blue, I'm with the Purple Team]
This entry was posted in Life. Bookmark the permalink.